أنباء الجامعة

 

رئيس الجامعة يشارك في مؤتمر حول صيانة الحرمين الشريفين

يعقده «مجلس صيانة حرمة الصحابة لعموم الهند» في «لكناؤ» برئاسة فضيلة الشيخ عبد العليم الفاروقي – حفظه الله –

بقلم : مساعد التحرير

 

 

     غادر رئيس الجامعة الإسلامية: دارالعلوم/ ديوبند فضيلة الشيخ المفتي أبو القاسم النعماني -حفظه الله- وبرفقته كاتب هذه السطور- يوم الثلاثاء إلى «لكناؤ» للمشاركة في مؤتمر عقده «مجلس صيانة حرمة الصحابة لعموم الهند»، حيث توجه فضيلته رغم ما أصابه من الضعف لمرض ألم به منذ صباح ذلك اليوم- بسيارة أجرة الساعةَ الثانية عشرة ظهرًا إلى مطار «دهلي»، ليتوجه منها إلى «لكناؤ» بالخطوط الجوية إنديغو (Indigo) للرحلات الداخلية، وعرَّج فضيلته في «دهلي» على مدرسةٍ مطلةٍ على شارع المطار الدولي حيث قضى بعض الوقت ليأخذ قسطًا من الراحة ويتناول من بعض الحبوب ما يخفف عنه وطأة المرض. ووصلت الطائرة إلى «لكناؤ» نحو الساعة السابعة والنصف حيث كان على مطارها جماعة من خيرة العلماء، و وجهاء المدينة، على رأسهم فضيلة الشيخ عبد العليم الفاروقي- عضو مجلس الشورى بجامعة دارالعلوم/ديوبند، ومدير «دارالمبلغين» بمدينة «لكناؤ»، و منسق المؤتمر-، وسارت بنا سيارات الاستقبال إلى فندق «غاليكسي» وسط المدينة، حيث تم حجز غرفة في الدور الثاني منه لنزول فضيلة رئيس الجامعة. فنزلنا فيها وتجمع الناس في الفندق للسلام على فضيلته، إلا أن القائمين على المؤتمر قد أخذوا عدتهم لمثل هذا الموقف، ومنعوا دخول كثير من الناس إلى الفندق خشية الزحام الذي قد يسبب أذى للنازلين فيه. وتناولنا العشاء مع الشيخ الفاروقي وغيره من الحضور، وكان الشيخ النعماني قد أرهقه السفر كثيرًا واشتكى الحمى وهو في المطار، فطلبوا طبيبًا لينظر في وضعه الصحي ويصف له الدواء.

     وفي نحو الساعة الحادية عشرة صباحًا توجهنا إلى صالة المؤتمر في رحاب «دارالمبلغين» حيث استقبل الحضور فضيلة الشيخ النعماني بهتافات تصم الآذان: «دارالعلوم/ديوبند تدوم»، و «الشيخ النعماني يحيى»، و واجهنا زحمةً شديدةً حين نزلنا من السيارات قربَ موقع «دارالمبلغين»، ولم نصل إلى المنصة القائمة في رحابها إلا بشق النفس، وصدق المثل القائل: ومن الحب ما قتل، وقول الشاعر:

يجمِّشُك الزمانُ هوًى وحُبًا

وقد يؤذَى من المِقَة الحبيبُ

     فلمّا خشعَتِ الأصْواتُ والتأمَ الإنْصاتُ، تقدم إلى المنصة فضيلة الشيخ سعيد الرحمن الأعظمي- مدير جامعة ندوة العلماء ورئيس تحرير مجلتها: البعث الإسلامي- و رحب ترحيبًا حارًا بمقدم فضيلة الشيخ النعماني ومشاركته في هذا المؤتمر الذي عقده «مجلس صيانة حرمة الصحابة لعموم الهند» برئاسة الشيخ عبد العليم الفاروقي - حفظه الله-.

     والشيخ الفاروقي في طليعة العلماء المتخرجين في جامعة ديوبند والذين لعبوا دورًا ملموسًا في الريادة الدينية في المنطقة، وفي الرد على الشيعية التي انتشرت كالأخطبوط في مشارق الهند الإسلامية وإبان الاستعمار الإنجليزي في البلاد، فهو من خيرة خلفاء جده العلامة عبد الشكور الفاروقي- إمام أهل السنة و الجماعة بلا منازع في عصره، والذي يرجع إليه الفضل في الكتابات والمناظرات الجريئة مع دعاة التشيع في الهند، والناس كلهم بعده عيال عليه في الرد على الشيعة، ولايستغني عما خلّفه الشيخ من تراث علمي رصين مَن خاض هذا الغمار وسخر قلمه ولسانه للرد على الشيعة.

     وحاول الشيخ الفاروقي أن يستقطب أكبر عدد ممكن من أهل العلم والفضل في المنطقة وغيرها ليقولوا قولتهم فيما يقوم به إيران الشيعية من التهديدات وما تطلقه من التصريحات التي أثارت قلقًا شديدًا في الأوساط الإسلامية السنية حول نواياها الخبيثة ضد بلاد الحرمين الشريفين، وما يخفي صدرها أكبر.

     وجاء هذا المؤتمر في الوقت الذي قامت عناصر متشددة بتحريق سفارة المملكة العربية السعودية في «إيران»، ونهب أثاثها ومحاولة اغتيال طاقمها، وذلك عقب أنباء قيام السلطات السعودية بإعدام 47 نفرًا بتهمة اتصالهم بالمنظمات المحظورة ومحاولة الثورة على نظام الحكم في البلاد، 46 منهم من السنة و واحد من الشيعة وهوباقر النمر، واستمرت محاكمتهم مدة من الزمان في مختلف المحاكم العادية ثم محكمة الاستئناف والمحكمة العليا التي أقرت عقوبات المتهمين، وفعلًا تم تنفيذ عقوبة الإعدام في حقهم.

     ومما قال فضيلة الشيخ النعماني في كلمته التي ألقاها في المؤتمر: «على المسلمين أن يوحدوا كلمتهم لصيانة الحرمين الشريفين من كيد الأعداء داخل الصف الإسلامي وخارجه. وبذلك يتم تخييب مخططاتهم ومؤامراتهم العدوانية على الإسلام وشعائره التي عادت قذى في عيونهم».

     وقال الشيخ الفاروقي منسق المؤتمر في كلمته: «المملكة العربية السعودية التي أساس قوانينها الإسلام والتي تقتص من أفراد العائلة المالكة إذا أتوا ما يوجبه، فما هذه الاحتجاجات- التي تقوم بها «إيران» عقب إعدام رجل واحد من الشيعة، بسبب ضلوعه في الإفساد في الأرض ومحاولة الثورة على المملكة إلا محاولة للصيد في الماء الكدر، وهو يوحي إلى وقوفها بجانب الإرهاب والفوضى، في حين تكفلت المملكة العربية السعودية أسرة باقر النمر زمن احتجازه في السجن واستمرار محاكمته في المحاكم السعودية السفلى و العليا بشفافية ووضوح، وبذلك ضربت المملكة مثلًا حيًا على اتصافها بالأخلاق و المثل العليا في تعاملها حتى مع المتهمين والجناة». وقال فضيلته: «إن هذه الاحتجاجات الإيرانية تأتي ضمن محاولة الضغوط على  المملكة لإطلاق سراح أبرز رجال المخابرات الإيرانية الذين دخلوها- المملكة العربية السعودية- للإفساد والتخريب بجوازات مزورة، والذين هم رهن الاحتجاز في السجون السعودية و قيد المحاكمة في محاكمها، و«إيران» خائفة من أن يصيروا إلى ما صار إليه باقر النمر». وأضاف الشيخ الفاروقي: «إن خدمة بيت الله سنة الأنبياء عليهم السلام، وهي سعادة لاتعدلها سعادة، وقد شرف الله تعالى بذلك حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله-، فالمملكة العربية السعودية موفَّقة من الله تعالى لخدمة وصيانة الحرمين الشريفين فلا بد من أن نقف بجانبها بكل ما نملك».

     وممن حضر المؤتمر فضيلة الشيخ سعيد الأعظمي- مدير ندوة العلماء «لكناؤ» رئيس تحرير مجلة «البعث الإسلامي» الصادرة فيها- والشيخ أشهد الرشيدي مدير جامعة شاهي مراد آباد- وجمع عظيم يمثلون المدارس والمؤسسات الإسلامية في طول البلاد وعرضها. ولا يُنسى الدور الذي لعبه كل من الأستاذ/ عبد الرحمن وعبد الباري في عقد هذا المؤتمر.

توصيات المؤتمر:

     وتوصل المؤتمر إلى توصيات وقرارات هامة أبرزها مايلي:

     1- استنكر المؤتمر الدسائس التي تحيكها «إيران» الشيعية الماكرة المنافقة وإستراتيجيتها الخبيثة المتمثلة في تدخلها السافر في كل من «لبنان» و«سورية» مما أدى إلى مقتل مالايقل عن مئتي ألف من المسلمين وتشريد الملايين منهم خلال خمس سنوات مضت، علمًا بأن سجل الشيعة الروافض مليء بسفك دماء أهل السنة عبر التاريخ ، وغير خافٍ تدخل «إيران» في شؤون البلدان العربية و مطامعُها التوسعية سرًا وعلانيةً، بجانب حرمان أهل السنة في «إيران» من حقوقهم الدينية وممارسة نشاطاتهم على  الأرض التي ولدوا عليها وتنفسوا في جوها. وأهاب المؤتمر بالمسلمين في أكناف العالم إلى أن يدركوا خطورة نوايا «إيران» ودعاياتها المضللة وحذرهم من الاغترار بها.

     2- طالب المؤتمر الحكومة الهندية الحالية بإعادة النظر في موقفها الحالي من وضع «جامعة علي كره الإسلامية»، و«الجامعة الملية الإسلامية، بدهلي» حيث أعلنت الحكومة تراجعها عن موقفها من اعتبارهما جامعتين تحملان ميزة الأقلية مما يخولهما تخصيص مقاعد للمسلمين؛ فإن حرمانهما هذه الميزة لايزيد الأقلية الإسلامية الهندية إلا تدهورًا وانحطاطًا في المجال التعليمي.

     3- استنكر المؤتمركل نوع من الإرهاب الذي يذهب ضحيته اليوم الأبرياء من الأطفال والشبان و الشيوخ من الهندوس والمسلمين وغيرهم. وطالب الحكومة باتخاذ الإجراءات الصارمة ضد الضالعين فيه بشفافية ووضوح ليعود الأمن إلى كل مكان.

     4- استنكر المؤتمر استنكارًا شديدًا لما يحدث في «فلسطين» من سفك الدماء، وإهدار الكرامة الإنسانية  وصمت المجتمع الدولي الشنيع إزاءه، وطالب بوقف هذه المجزرة الرهيبة التي تستمر منذ عقود على أرض «فلسطين»، ودعا المسلمين إلى توحيد الصفوف والوقوف إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين.

* * *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، رجب 1437 هـ = أبريل – مايو 2016م ، العدد : 7 ، السنة : 40